responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 570
وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (كَالْأَفْيُونِ) ، وَهُوَ لَبَنُ الْخَشْخَاشِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُضِرٌّ وَرُبَّمَا يَقْتُلُ، وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] (إلَّا قَلِيلَهُ) أَيْ السُّمِّ كَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْ مَا يَضُرُّ، وَهُوَ أَعَمُّ فَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ (لِلتَّدَاوِي) بِهِ (إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ) وَاحْتِيجَ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَيَحِلُّ أَكْلُ) كُلِّ (طَاهِرٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ) كَفَاكِهَةٍ وَحَبٍّ وَسُمٍّ إنْ تُصُوِّرَ أَنَّ آكِلَهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] (إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ دُبِغَ) فَلَا يَحِلُّ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] وَخَبَرِ «إنَّمَا حَرُمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» ، وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَخَرَجَ بِالْمَيْتَةِ جِلْدُ الْمُذَكَّاةِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ دُبِغَ (وَ) إلَّا (مَا اُسْتُقْذِرَ كَالْمُخَاطِ وَالْمَنِيِّ) لِاسْتِقْذَارِهِ، وَإِلَّا الْحَيَوَانَ الْحَيَّ غَيْرَ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الصَّيْدِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا.

(وَفِي) حِلِّ أَكْلِ (بَيْضِ مَا لَا يُؤْكَلُ تَرَدُّدٌ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ تَرَدُّدٌ أَيْ خِلَافٌ قِيلَ: مَبْنِيٌّ عَلَى طَهَارَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ حَلَّ أَكْلُهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالنِّهَايَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ عَلَى مَنْعِ أَكْلِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ قَالَ، وَلَيْسَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مَا يُخَالِفُهُ.

(وَيَحْرُمُ مُسْكِرُ النَّبَاتِ) أَيْ النَّبَاتُ الْمُسْكِرِ (وَإِنْ لَمْ يُطْرِبْ) لِإِضْرَارِهِ بِالْعَقْلِ (وَلَا حَدَّ فِيهِ) إنْ لَمْ يُطْرِبْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْرَبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَيُتَدَاوَى بِهِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ (وَإِنْ أَسْكَرَ) لِلضَّرُورَةِ (وَمَا لَا يُسْكِرُ إلَّا مَعَ غَيْرِهِ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَحْدَهُ) لَا مَعَ غَيْرِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَحْدَهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا لِلتَّدَاوِي وَالْأُولَى أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَوْفَقَ بِكَلَامِ الْأَصْلِ.

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَطْعُومِ اضْطِرَارًا) (وَمَنْ ظَنَّ مِنْ الْجُوعِ الْهَلَاكَ) أَيْ هَلَاكَ نَفْسِهِ أَوْ جَوَّزَ تَلَفَهَا وَسَلَامَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ (أَوْ) ظَنَّ مِنْهُ (ضَعْفًا يَقْطَعُهُ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا، وَكَذَا لَوْ خَافَ طُولَهُ) ، وَلَمْ يَجِدْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَلَالًا (لَزِمَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمُحَرَّمَات (وَطَعَامِ الْغَيْرِ) ؛ لِأَنَّ تَارِكَهُ سَاعٍ فِي إهْلَاكِ نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] يُخَالِفُ الْمُسْتَسْلِمَ لِلصَّائِلِ بِأَنَّهُ يُؤْثِرُ مُهْجَةَ غَيْرِهِ عَلَى مُهْجَتِهِ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ، وَدَلِيلُ جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ} [البقرة: 173] أَيْ عَلَى مُضْطَرٍّ آخَرَ، {وَلا عَادٍ} [البقرة: 173] أَيْ سَدًّا لِجَوْعَةِ فَأَكَلَ {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُ حُصُولِ الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ كَخَوْفِ طُولِ الْمَرَضِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَاكْتَفَى بِالظَّنِّ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى أَكْلِ ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّيَقُّنُ، وَلَا الْإِشْرَافُ عَلَى الْمَوْتِ بَلْ لَوْ انْتَهَى إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَيَحْرُمُ) ذَلِكَ (عَلَى الْعَاصِي بِسَفَرِهِ حَتَّى يَثُوبَ) لِمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ كَالْمُسَافِرِ إذَا كَانَ الْأَكْلُ عَوْنًا لَهُ عَلَى الْإِقَامَةِ وَقَوْلُهُمْ تُبَاحُ الْمَيْتَةُ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَكَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ مُرَاقُ الدَّمِ كَالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ فَلَا يَأْكُلَانِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُسْلِمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ، وَكَذَا مُرَاقُ الدَّمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِ الْقَتْلِ بِالتَّوْبَةِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَمَنْ قُتِلَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (وَيَحِلُّ) أَكْلُ ذَلِكَ (بِإِجْهَادِ الْجُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَدْنَى الرَّمَقِ) لِمَا يَنَالُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَلِيَنْفَعَهُ الطَّعَامُ (وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ) لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِهِ وَقَدْ يَجِدُ بَعْدَهُ الْحَلَالَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: 3] قِيلَ: أَرَادَ بِهِ الشِّبَعَ (إلَّا إنْ خَشِيَ الْهَلَاكَ) عَلَى نَفْسِهِ (دُونَ قَطْعِ الْبَادِيَةِ) بِأَنْ خَافَ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَهْلَكَ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ فَتُبَاحُ لَهُ الزِّيَادَةُ بَلْ تَلْزَمُهُ لِئَلَّا يُهْلِكَ نَفْسَهُ بِأَنْ يَأْكُلَ حَتَّى يَكْسِرَ سَوْرَةَ الْجُوعِ بِحَيْثُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ وَبِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَمَشَايِخُ طَبَرِسْتَانَ، وَلَوْ خُمِّرَ الْمَشْوِيُّ وَغُطِّيَ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ التَّنُّورِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: حَرُمَ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ سُمٌّ قَالَ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ بِالْجِيمِ فِي كِتَابِهِ الذَّرَائِعِ إلَى عِلْمِ الشَّرَائِعِ: وَلَا يَحِلُّ تَنَاوُلُ الْمُسْكِرِ بِحَالٍ، وَلَا مَا فِيهِ ضَرَرٌ كَالسُّمِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ حَتَّى الْمَشْوِيُّ الَّذِي يُغَطَّى حَارًّا فَيُحْتَبَسُ بُخَارُهُ فِيهِ (فَرْعٌ)
لَوْ عَضَّ كَلْبٌ شَاةً فَكَلَبَتْ، ثُمَّ ذُكِّيَتْ حَلَّ أَكْلُهَا قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهَا.

(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ حَلَّ أَكْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْرَبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) لَا حَدَّ فِيهِ، وَإِنْ أَطْرَبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرَابٍ

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَطْعُومِ اضْطِرَارًا]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَطْعُومِ اضْطِرَارًا) (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ تَصْرِيحِ كَلَامِهِمْ) وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَا يَأْكُلُهُ حَلَالٌ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْحَرَامَ فَأَكَلَ الْمَيْتَةَ لِلضَّرُورَةِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ فِيهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) وَيُبَاحُ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ الْقَفَّالُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ أَكْلَهَا، وَإِنْ أُبِيحَ حَضَرًا لِلضَّرُورَةِ لَكِنْ سَبَبُهُ فِي السَّفَرِ سَفَرُهُ، وَهُوَ مَعْصِيَةٌ فَحَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ جُرِحَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ فَإِنْ قِيلَ: تَحْرِيمُ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ بِالتَّوْبَةِ ذَكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّةُ مَا فَرَّقَ بِهِ الْقَفَّالُ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ الْإِقَامَةَ، وَهِيَ مَعْصِيَةٌ كَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ لَا يُبَاحُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ إعْوَازَ الْحَلَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مَعْصِيَةً وَقَوْلُهُ ذَكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ كَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ لَا تُبَاحُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ، وَكَذَا مُرَاقُ الدَّمِ إلَخْ) قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ (قَوْلُهُ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ سَدِّ الرَّمَقِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فَزَالَ الْحُكْمُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ

اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 570
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست